{ أمي }
أمي
الشتاءُ قادمٌ
والرّبيعُ قبل أن يرحل
أمسى يُلملم شتاتَهُ
خبأَ في حقائبه جميع فراشاته
جمع الطيور من موسم الفرح
قطف ألوانهُ
ونَثَرها في السماءِ قوسَ قُزح
لِيلج في تَسابيحِ السماء
كي يمر من تحت قبته الندرة
العطرة
أدعية المساكين
...2
أمي
يا وردة الروح العبقة
إنّ الربيع راحل حقا
ناديته
فَشكَيته
وبكيته
غللتُ جلبابه
كي يبقى
فنثرَ عطرًا
كصوت المأذنة
بأُذن المُزن
قالَ لي لا تحزن
هناك خلف الغيومِ أرواحٌ
تبكي مطرًا
تُحييني
والسماءُ في مخاضٍ
تَنتظِرُ قُدومَ تلاويني
...3
أمي
عندما تزهو وتَبتسِمُ السماء
ونجومها تُسبِّح اللهَ
وتزيده كي يرحمها رب الأرباب
ومسبب الأسباب
كلما ذاب
مع زبدة الليل المساء
ألف ألف دعاءِ
سيأتي الربيعُ إليكِ
زَرعتُ وَجهي الباكي
في وردةٍ بيضاء
سَقيتُها مِن أفلاج شَراييني
كتبت على أوراقِها أسئِلةً
تُحَيرُني وتُضنِيني
...4
أمي
يا درِّي المفقود النادر
إني مؤمن ولست بكافر
ولكن
كَيفَ روحك ِتُسافر !؟
هل تَحطُ الرّحمةُ
أدواتَها المتجزِّرة بأضلعي وتُغاِدر !؟
وهل يُهاجِرُ عِطرُ الأَمان
على جناحِ طائِر !؟
وكيفَ يَضيعُ مِني تُرجمان لساني
وخريطة تكويني !؟
وهل تُحسب دونكِ سِنيني !؟
أُمي
بَحثتُ عَنكِ
في جميعِ وجوه الأرْض
فلم أرى وجهًا يُشبهكِ
يا ضياء عيني المفقود
وعلاء اكليل جبيني
...5
أمي
لا أريدُ مسكن القصورِ
فهذا لا يعنيني
فإن جِدرانَها باردة
هامدة
كامدة
ترْشَحُ سُكونًا
تُبْكيك وتُرُثيني
أمي
أريد أن أنام في رسمِكِ
فهُنا دِفئي
ومنبع الحنين
فلكي إليكِ أهتدي
بربكِ الودود الهادي
خذي بيدي
واحضنيني
• علاء الغريب / كاتب صحفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق