// حكايا جدتي //
في حكايا جدتي .. يا سادتي
يوم كنا صغارا ً
كانت تخيفنا .. الغولةُ التي تأكلُ الأطفالَ
أو تأخذُهم .. إلى بلاد ٍ غريبة .. وبعيده
كان يخيفُنا .. الجانُ الهاربُ من الأصفاد
الماردُ الآتي مع الريحِ ..
إلى بلد ٍ واسع ٍ وفسيح
في حكايا جدتي .. يا سادتي
كان مَن يقتلُ الإنسانَ .. سارقٌ
أو قاطعُ طريق .. أو عابرُ سبيل
أخبرتنا جدتي في حكاياتها..
أن مَن يقتلُ الإنسانَ .. غريبُ قومٍ ..
غازي دارٍ .. أو محتلُّ بلد
* * *
في حكايا جدتي .. يا سادتي
كان مَنْ يأكلُ الإنسانَ .. وحش ٌ جائع ٌ
ضبع ٌ .. أو ذئب ٌ
كان مَن يلدغُه ثعبان ٌ.. يعضُّه كلب ٌ
وينهشُهُ دب ُ
في حكايا جدتي .. كانَ المرءُ يلوذُ بأهلِه
جارِه .. وعشيرتِه
كان يشدُّ عضُدَه .. بصديق.ٍ له
حبيبٍ أو قربب
مرت الأيامُ .. كبرنا واكتشفنا ..
أنَّ ما لم تقله جدتي .. كان أصدقَ القول
ما لم تقله جدتي .. أنَّ قاتلَ الإنسان ، وآكلَه
لادغَه .. وناهشَه
ظالَمه ،، والغادرَ به
طاعنَه في الظهر .. والقلب .. والروح
سيكون من لحمِه ودمِه
* * *
مرَّت الأيامُ .. كبرنا واكتشفنا
أن جدتي .. قالت ما قالته
كان خيالا ً .. لواقع ٍ أرادت أن تأخذَنا إليه
أرادت أن تخيفنا تارة ً ..
وتارة ً أخرى .. أرادت أن نلوذ بها تحببا ً
وتقربا
أرادت جدتي .. أن تعلمَنا بعضا ً من معارفها
. التي خبرت
أرادت أن تلهو بنا ومعنا
وأن يمضي بنا الوقت .. إلى عالم ٍ من الأحلام
تسوده الغرابةُ والدهشه
أرادت جدتي .. أن تتسعَ لدينا المدارك
فعلمتنا لغةَ الطيور .. وكيف العصافير تغني
أرادت .. أن تتشعبَ لدينا المسالك
فعلمتنا كيف يكونُ الحبورُ .. توأمَ الحزن
وكيف يصيرُ الغيابُ .. رفيقَ التجلي
* * *
مرَّت الأيامُ .. واكتشفنا أن جدتي
كانت تشيطنُ أبطالَ حكاياتِها
وشخوصَ قَصَصِها
ولم تبقي عليهم .. داخلَ أسوارِ أساطيرِها
بل أطلقتهم أحرارا ً ..
فتقمصوا كلَّ ما يحيطُ بنا
تجسدوا بكل مَنْ نتعاملُ معهم ..
وبهم نحتك
مرَّت الأيامُ .. واكتشفنا أن جدتي
تركت لنا في مسرح الحياة ..
ألفَ غول ٍ وجن ٍ ..ألفَ إبليس ٍ وشيطان ٍ
تركت لنا جدتي في مسرح الحياة ..
كلّ هذا الجمع من الوحوش ..
والذئاب .. والكلاب ..
بقلمي / عدنان رجب ريشه /

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق