تعاتبني الْوُرُود
مُنْذ افْتَرَقْنَا ونبضاتي معذبة
وَيَسِيلُ مِنْ عَيْنِي حُنَيْن بَاك
مُنْذ ارْتَحَلَت كَانَ بَدْءُ مواجعي
وينوح عصفوري عَلِيّ الشِّبَاك
وَالْبَدْرَ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ شَاحِب
لَازَال يَبْحَثُ عَنْ بَريق ضياك
يَلُومُنِي قَلْبِي
كَيْف النَّبْض فِي غيابك دَاخِلِيّ
أَمْسَى بِدُون حَرَاك
تعاتبني تِلْك الْوُرُود . . .
تَلَوُّم عِطْرًا فِي دَمِي
حِين يَغْفُلُ عَنْ شذاك
وَيُخَاصَم الْوَرِق الْحُرُوف
تَلُومُنِي الأَقْلام . . .
حِين أَكْتُبُ عَنْ سِوَاك
هَذَا الطَّرِيقِ يَلُوم خطواتي
حِين أَسِير وَلَا أُرِي أَثَر خطاك
الذِّكْرَيَات الباسمات ترملت
بَوْحٌ يَتِيمٍ فِي الْهُوِيِّ ينعاك
كُلِّ شَيِّ فِي الْغُيَّاب يَلُومُنِي
بِاَللَّه قَوْلَي . . كَيْف لِي أَنْسَاكٌ
اتعبني طُولُ السَّفَرِ
رَحَلْت فِي كُلِّ البِلادِ
رَأَيْتُ عَلِيَّ كُلُّ الْمَوانِئ فَيْضٌ مِنَ سناك
هُنَا الْتَقَيْنَا
وَهُنَا حَمَلَتْك كالعصفور بَيْنَ يَدَيْ
هُنَا رُسِمَت عَلِيّ الْوُجُود هَوَاك
عَلِيّ الشَّوَاطِئ قَد رسمتك وَرَدَّه
كانَ البَحْرُ مُبَارَكًا لحبنا
وَشَهِدَت الأسْمَاك
وَالْيَوْم . . . .
ثَار الْبَحْرِ حِينَ أَتَيْت بمفردي
تعاتبني أَمْوَاجِه حِينَ لَمْ تَعُدْ تَرَاك
تعاتبني تِلْك الْحَدَائِق
أَيْن الَّتِي كَانَتْ هُنَا ؟
أَيْن الَّتِي قُلْتُ لَهَا يَوْمًا عُمْرِي فِدَاك ؟
وَحْدِي هُنَا
بَرْد الذِّكْرَيَات يَلْسَع فِي دَمِي
كُلّ الْمُرَائِي فِي الْهُوِيِّ عَيْنَاك
هَذَا الذُّهُول الْمُرّ بَيْن أَنَامِلِي
تَحَوُّط نبضي رَجْفَةٌ
إذَا ذُكِرَتْ لَمَس يَدَاك
طَيْف جَرِيحٌ يَجُوب الدَّرْب لِيلَّا
مَلّ الْعِتَاب وَمَلّ أَن يَنْسَاك
قَدْ قُلْت لِي يَوْمًا سأبقى لِلْأَبَد
تَبَسَّم قَدْرِي ساخرا . . .
وَقَالَ مَا إدْرَاك ؟
الْيَوْم أَذْكُرُ فِي آسَى تِلْك الوعود
فَكَيْفَ حَالُ الْقَلْبِ فِي منفاك ؟
وَيَلُوح طيفك فِي الْأَحْلَام مُعَاتِبًا
كَمْ صِرْت أَخْشَى اللَّيْل . . .
وَالْقَلْب فِي الْأَحْلَام كَم يخشاك
تِلْك السَّنَابِل فِي الحُقُولِ تَرَنَّحَت
تَشْتَاق فِي لَهْف لِلْمَسّ يَدَاك
نوارس الْبَحْرِ فِي حُنَيْنٍ تَنْتَظِر
علها يَوْمًا قَبْلَ الرَّحِيل تَرَاك
أَيَا مُسَافِرَة فِي مدي وَجَعِي
سَلَامُ اللَّهِ فِي المدي يَغْشَاك
مُحَمَّد حَمِيدَة

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق