الأحد، 24 أغسطس 2025

د/ عزام عبد الحميد أبو زيد فرحات يكتب....الصديق السوء .

الصديق السوء .
ما أقبح أن يكون للإنسان صديق طالح فاسد فاسق لا يرعي لله حقاً ولا ذمة ، إذا رأيته ذكرك بكل قبيح نهي عنه الله ورسوله والعرف والذوق السليم ، تجنبوا عباد الله أصدقاء السوء ، الكذابون ، المنافقون ، الفاسقون ، الذين لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر ، الغارقون في بحار الهوي والغُواية ، احذروهم ، لا تخالطوهم إلا في حدود تقديم النصيحة الصادقة الخالصة لله إن أمكن ذلك بلا ضرر محتمل ، الصديق السوء يُريد منك أن تكون مثله ، حتي لا يكون وحده ، ويجد مُبرراً لأخطائه ونزواته ، الصديق السوء ، أعمي : يري الحق باطلاً ، يري الخطأ عين الصواب ، يري الرذائل فضائل وحضارة ومدنية حديثة تُواكب مطالب العصر الحديث ، يري التمسك بتعاليم الأديان كما جاءت عن الرسل الكرام تتعارض مع العقل ، وتناسي أن الله (عز وجل ) من خلق الخلق وأرسل الرسل وأنزل الكتب في نسق بديع وتناغم منقطع النظير ؛ قال تعالى: { لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }
[ يس : 40] . وقال تعالي : { وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) [ الملك : 13 ـــ 14] .
بلي يا رب ، أنت أوجدت المخلوقات كلها من العدم ، وتعلم كل دقائقها وما ينفعها وما يضرها .
تجنبوا عباد الله ، الصديق السوء الذي يحوم حول الشُبهات ، ولا يرتدع ، فتزل قدمه ، ويأخذ بأيدكم إلي مواطن الردي والغواية ، تجنبوا من يحوم حول الشبهات ، وبالأحرى من يفعل المحرمات والمكروهات ؛ روي الشيخان والترمذي واللفظ له من حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ) قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ : ( الْحَلَالُ بَيِّنٌ ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ ، وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ ، لَا يَدْرِي كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ أَمِنْ الْحَلَالِ هِيَ أَمْ مِنْ الْحَرَامِ ، فَمَنْ تَرَكَهَا اسْتِبْرَاءً لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ فَقَدْ سَلِمَ ، وَمَنْ وَاقَعَ شَيْئًا مِنْهَا يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَ الْحَرَامَ ) .
تجنبوا عباد الله ، الصديق السوء الذي يأتي هؤلاء بوجه ، وهؤلاء بوجه آخر ، اتقوا المُتلون ـــ الذي يدل مظهره علي التخبط والازدواجية البغيضة ؛ الذي يأكل علي كل الموائد ويُصفق لكل ناعق ؛روي الشيخان من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( إِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ ) .
تجنبوا عباد الله ، الصديق السوء الذي يغتاب الناس ويطعن في أعراضهم ، وينقل الكلام عنهم إلي غيرهم ؛ فقد روي الإمام مسلم من حديث هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا مَعَ حُذَيْفَةَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْنَا ، فَقِيلَ لِحُذَيْفَةَ : إِنَّ هَذَا يَرْفَعُ إِلَى السُّلْطَانِ أَشْيَاءَ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ إِرَادَةَ أَنْ يُسْمِعَهُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) يَقُولُ : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ ) .
عباد الله ، الصديق السوء ، أضلك في الدنيا ، وأفسد عليك دنياك ؛ فلماذا تأخذه زادا للآخرة؟ ، ويوم القيامة يتبرأ منك ، وكأنه لا يعرفك ، وتتمني أن تتبرأ منه ولكن ذهبت الدنيا ، وليس أمامك إلا ما قدمت يداك ؛ قال تعالي : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ } . [ البقرة: 166 ـــ 168] .
عباد الله : تجنبوا واحذروا : الصديق السوء الأكبر وهو ابليس وجُنوده ، الذي يُوسوس لنا هو وجنوده ليل نهار ؛ حتي نقع في الذنوب ، اتخذوا الشيطان وحزبه أعداء ، لا أصدقاء ؛ قال تعالي : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [ فاطر: 6] .
ابليس يقف خطيباً في أهل النار ، ويتبرأ منهم ، ويقول لهم : أنا وسوست لكم ، ولم يكن لي عليكم قوة وسلطان علي ارغامكم ، ولكن أنتم فعلتم بإرادتكم ما فعلتم ، وما أنا بمصرخكم أي بمغيث لكم من العذاب ؛ قال تعالي : { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [إبراهيم: 22].
اللهم جنبنا بحولك وقوتك أصدقاء السوء علي اختلاف ألوانهم ، ومتعنا في الدنيا بطاعتك ورضاك ، وفي الآخرة بجنتك ورضوانك .
بقلم . د/ عزام عبد الحميد أبو زيد فرحات . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

م. عماد حسو يكتب.... #عُ_ماء

  #عُ_ماء : عٌ مملوءة إلى حد الإشباع و الثمالة عٌ خُلِقَت للضم و تحتها الإمالة -ِ عٌ تُسبى ضحكتها بكل بغاء ... عٌ تُجلَدُ دمعاتها بكل غباء ...