الجمعة، 21 أكتوبر 2022

د.رجا اشقر يكتب.....راقصة

قلم : السّفير د . رجا الأشقر أديب وشاعر
رَاقِصَة
كَفَراشَةٍ تَطِيرُ مِنْ دونِ جَنَاح ..
كَغَزالَةٍ شَارِدَةٍ في البِطاح ..
كَخَمرَةٍ تُغازِلُ غِوى الأَقْداح ..
خَفيفَةٌ كَرِيشَةْ ..
مُضِيئَةٌ كَعُنقودِ عِنَبٍ في صَدرِ عَريشَة ..
وَشَهِيَّةٌ كَطَبَقِ قَريشَة ..
في شَفافِيَةٍ الثِّيابِ ما يَسِيلُ لَهُ اللُّعابُ ؛ وإِن كانَ في نَزَقُ عُرِيِّها ما يَخدِشُ الآدابَ ، ويَستَحضِرُ مُلوكَ الإِنسِ والجِنِّ وَقِطعَانَ الذِّئَاب ..
وَفي تَناغُمِ الحَرَكَةِ ما يُزِيغُ النَّظَرَ، ويُدَغدِغُ الحَواسَ ، وَيَقطَعُ الأَنفاس ..
وأنتَ تُراقِبُ سُرعَةَ نَقَلاتِها تَخالُ نَفسَكَ إزَاءَ دولابٍ عِملاقٍ في مَدينَةٍ لِلمَلاهي ؛ فلا يكادُ نَظَرُكَ يَستَقِرُّ على مِقْعَدٍ مُثَبَّتٍ فيهِ ، حَتّى يَنخَطِفَ إلى آخَرَ أَبَعدَ مِنهُ ؛ لِتُداوِمَ على هذا المنوالِ إلى حِينِ سُكونِ الحَركَةِ المَكُّوكِيَّةِ ، وَزوالِ الخُفوق .. وقَدْ تَظَلُّ مُمْسِكاً بِزِمامِ الاُمورِ إلى وَقْتٍ تُبالِغُ هِيَ فيهِ بِالغِنْجِ والدَّلالِ ، فُتُبرِزُ بِوَقاحَةٍ ما خَفِيَ مِن مَفاتِنَ مَخبوءَةٍ تَحتَ الغِلالَةِ؛ فَتَتداعى قُوَّتُكَ، وينفَذُ صَبرُكَ ، وَتَكْفُرُ بما خَفَّ مِنْ ثِيابٍ تَرتَديها ؛ لاعِناً سُوءَ حَظٍّ لازَمَكَ كُلَّ هَذِهِ السَّنواتِ، ونِعمَةً حَظِيَ بِها سِواك ..
أمّا إذا قُيِّدَ لكَ المَزيدُ مِنَ القَهرِ والعَذابِ ؛ فَيكونُ عِندها في الإِقْتِرابِ مِنكَ ؛ سِيَّما إذا ما آنَسَت في وَجهِكَ وسامَةً ، أَو في ثِيابِكَ أَناقَةً تُنبِيءُ بِيُسرٍ ؛ فَقَدْ تَخُصُّكَ بِغَمزَةٍ مِنْ عَينٍ كَحيلَةٍ ، أَو بِلَمسَةٍ مِن أصابِعَ جميلَةٍ ، أو بِإشارَةٍ تَترُكُ لكَ امرَ تفسِيرِها ، أَو بِانحِناءَةٍ تَسبُرُ فيها أعماقَ الصَّدرِ، وتَنشَقُ عَبرَها حَلالَ العِطرِ ، ثُمَّ تودِعُكَ حُرقَةً تُنَغِّصُ عليكَ فَرحاً تَنتَظِرُهُ ؛ وتَرحَلُ بَعدَ وَقتٍ لَا يَطولُ أوانُهُ غَيرَ عابِئَةٍ بِما خَلَّفَته ..
وبَينَ نِعمَةٍ ساقَتها سَهرَةٌ عامِرَةٌ ، وَخَيالاتٍ رَسَمَتها مَشاهِدٌ سَافِرَةٌ؛ تُلَملِمُ ذاتَكَ بَعدَ مَضِيِّ ساعاتٍ، وقَد بَلَّلَكَ عَرَقٌ ما كُنتَ لِتَصرِفَهُ طَوالَ شُهورٍ مِنَ التَّعَبِ، واستَبَدَّ بِمَفاصِلِكَ انحِلالٌ يَعجَزُ أيُّ مَرَضٍ عَنِ الإتيانِ بِهِ،وأصابَتكَ حالَةٌ مِنَ انعِدامِ الوَزنِ لم يَسبِق لكَ أنْ عَرَتَها حَتّى في عِزِّ الازمَات ..
يبقى أنَّ في البالِ صُوَرٌ جَمَعتها في لَحظَةِ كيفٍ وتَستَعِيدها كُلَّما داعَبَ خَيالَكَ طَيفُ أُنثى عابِرَةٍ ترى فيهِ وَجهَ راقِصَتِكَ،أَو دَغدَغَ أنفَكَ عِطرٌ نفَّاذٌ يُشبِهُ عِطرَها، أو وَقَعَ نَظَرُكَ صُدفَةً على ثِيابٍ فيها بَعضٌ مِنْ جُرأَةِ ثَوبِها ..
الرَّقصُ يا سَادَةُ فَنٌّ رَفيعٌ ، يليقُ بِثَورَةِ الأَجسادِ الأُنثَوِيَّةِ؛ فَيَسكُنُ القُلوبَ العَاشِقَةَ، قَبلَ أن تُدرِكَ أبعادَهُ النُّفوسُ الوَاثِقَةُ ، والعُقولُ الرَّاقِيَة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

م. عماد حسو يكتب.... #عُ_ماء

  #عُ_ماء : عٌ مملوءة إلى حد الإشباع و الثمالة عٌ خُلِقَت للضم و تحتها الإمالة -ِ عٌ تُسبى ضحكتها بكل بغاء ... عٌ تُجلَدُ دمعاتها بكل غباء ...