الاثنين، 24 أكتوبر 2022

رجا الأشقر يكتب.... حكاية الصباح


 السّفير د . رجا الأشقر أديب وشاعر

حكاية صباح
صَباحُنا حُلُمٌ مَشلوحٌ على قَارِعَةِ عُمرٍ تلهَثُ سَنواتُهُ
خَلْفَ سَعادَةٍ ظَاهِرُها نِفاقٌ ، وبَاطِنُها اختِلاقْ ..
صَباحُنا طَيرٌ مُهاجِرٌ صَوبَ بِلادٍ يَسكُنُها الدِّفْءُ ،
وليسَ فيها أَثَرٌ لِبُندُقِيَّةٍ عَمياءَ تَكمُنُ لَهُ في سَهلٍ ،
أَو في وَسَطِ دَغل ..
صَباحُنا رَغيفٌ مُسافِرٌ بَينَ جُوعٍ أَشْبَهُ بِمَركِبٍ تائِهٍ
ليسَ لَهُ قُلوعٌ ، وَكَرامَةٍ اعتادَت على الخضوع ..
صَباحُنا وَجَعٌ يَتَسَكَّعُ على عَتَباتِ بُيوتٍ خاوِيَةٍ
يَسكُنُها فيها المَرَضُ ، وطُرُقَاتٍ مَقطوعَةّ تَجوبُها
البَطَالَةُ ، وسَاحاتٍ تَتَعالى فيها صَيحاتُ الغَضَبِ ،
ويَلُفُّ جَنَباتِها سَوادُ ليسَ لِنِهايَتِهِ حُدود ..
صَبَاحُنا غَلاءٌ يَتَرَبَّعُ بِوَقاحَةٍ على رُفوفِ التَّعاوُنِيَّاتِ
والمَحَالِّ والمَطاعِمِ، وفي صَنادِيقِ الخُضارِ والفَوَاكِهِ،
وُيُجَاهِرُ بِهِ ضَميرٌ أَمَاتَهُ جَشَعٌ، وقَلْبٌ نَسِيَ في لَحظَةٍ
مَعنى الوَجَع ..
صَبَاحُنا دَواءٌ هَجَرَ واجِهاتِ الصَّيدَلِيَّاتِ،وآثَرَ المُكوثَ
في المُستَودَعاتِ المُظْلٍمَةِ بِانْتِظارِ أَوراقِ السَّفَرِ ،
ومُهَرِّبينَ يَعْبُرونَ بِهِ الحُدودَ في رِحلَةٍ مَشبوهَةٍ ،
بَعيداً عَنْ أَعيُنٍ دامِعَةٍ ، ومَرضى يَنْتَظِرونَ على
أبوابِ الشِّفاء ..
صَباخُنا جَمعٌ مِنْ كُلِّ الطَّبَقاتِ والمُيولِ والمَشَارِبِ
يَصطَفّونَ في طَوابيرَ طَويلَةٍ أَشْبَهُ بِتِلْكَ الّتي نراها
في المُعتَقَلاتِ ، لِتَعْبِئَةِ لِتْراتٍ قليلَةٍ مِنَ البَنزينِ ؛
يُصرَفُ مُعظَمُها بِغَيرِ حاجَةٍ ؛ وفيها رَائِحَةُ ذُلٍّ ،
واحتِضارُ لِكَرامَةٍ لا يَقْبَلُها عَبدٌ رَقيق ..
صَبَاحُنا عَتْمَةٌ تَتَوَزَّعُ على مِساحَاتِ بِلادِ " النورِ" ،
تَهزَأُ بالنُّورِ ، وَتُعِدُّ العُدَّةَ لِمَحوِ خُيوطِهِ ، ولِبَسطِ
سُلْطانِها على آخِرِ مَعْقِلٍ مِن مَعاقِلِ الأَمَلِ البَاقِيَةِ
فيها ..
صَباحُنا غَيمَةٌ لَم تَعُد تُمْطِر ، وَشَجَرَةٌ لم تَعُد تُثْمِر ،
وَثِيابٌ لَمْ تَعُد تَستُر ، وَراحَةُ بالٍ ما كانَتْ يوماً
لِتُعَمِّرّ ..
صَباحُنا انْتِظارٌ مَريرٌ على مَحَطَّاتِ سَفَرٍ غادَرَتها
القِطَاراتُ إلى غَيرِ رَجعَةٍ ، ولَم يَبقَ فيها سِوى
سِكَكٍ صَدَأَ حَدِيدُها مُنذُ زَمَنٍ طَويلٍ ، وَظََلَّت
أَكْشَاكُها واقِفَةً تَشْهَدُ على غُربَةٍ تَطولُ ، وحُلُمٍ
كاذِبٍ لَن يرى النُّور ..
وََداعاً لِصَباحٍ كُنَّا نَنتَظِرُهُ كُلِّ يَومٍ ؛ فَصَاَر كابوساً
يَغزو لَيلَنا خِلسَةً في عَتمٍ ؛ نَسْتَفيقُ بَعدَهُ غيرَ
مُصَدِّقينَ أنَّنا ما زِلْنا على قَيدِ الحَياة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

م. عماد حسو يكتب.... #عُ_ماء

  #عُ_ماء : عٌ مملوءة إلى حد الإشباع و الثمالة عٌ خُلِقَت للضم و تحتها الإمالة -ِ عٌ تُسبى ضحكتها بكل بغاء ... عٌ تُجلَدُ دمعاتها بكل غباء ...