( لا يَستَمِرٌُ الضَباب )
في قَلبِها الغابات ... سارَت إلى جانِبي تَمرَحُ
تُلامِسُ تِلكُمُ الأشجار ...
تَحفُرُ إسمَها على الجُذوع ... وَتَجرَحُ ...
وتَغرُسُ نَبتَةً غَضٌَةً في التُراب ... أو عَلٌَها لفرعها من شَهدِها يُلَقٌَحُ
تَرسُمُ قَلبَها على الغُصون ... لِلشُجَيراتِ عن حُبٌِها تَشرَحُ
يا لَها المُهجَةُ عِندَ الهِيام ... على الدُروبِ ... في كل زاوية لِعِشقِها تَفضَحُ
حَتٌَى الطُيور ... كم غَرٌَدت في لَحنِها تَصدَحُ
ورَفرَفَت من فَوقِنا بالجَناح تَمرَحُ
تُحَوٌِمُ مَرٌَةً لِليَمين .... ومَرٌَةً إلى اليَسار ... وهِيَ تَجنَحُ
تَدنو لَنا ... نَكادُ نَلمسُها ... وَ لَنا بِلَمسِها تَسمَحُ
وألمَحُ في عَينِها غادَتي ... كَم يَلمَعُ الفَرَحُ
وإن نَأَت ... بالجَناحِ تصفق كأنها تُلَوٌِحُ
قُلتُ يا غادَتي ... انظُري ذاكَ الضَباب وهو قادِمُُ لِلغابِ يَكتَسِحُ
وهوَ من حَولِنا في لجة عَميقَةٍ ... وبِهِ كِلانا يَسبَحُ
يُقيمُ في غابِنا جاثِما يا لَهُ الزائِرُ الوَقِحُ
قد يَحُلٌُ الظَلام ... ونَعلَقُ في جَوفِهِ وَنُطرَحُ
أخشى عَلَيكِ الذِئاب ... من حَولِنا تَعوي كَما تَنبَحُ
قالَت ... ومَن قالَ الذِئاب ... في نابِها والمِخلَب ...ِ لِلعاشِقينَ تَجرَحُ ؟
دَمنا مُحَرٌَمُُ على الوُحوش
والقَلبُ في صَدرِنا في طُهرِهِ مُوَشٌَحُ
دنا عِواءُ الذِئاب ... فَأوجَمَت
غادَتي خيفَةً وأوشَكت عَن خَوفِها تُلَمٌِحُ
والضِياء في الغابَةِ ... شيئاً فَشَيئاً إلى الظَلامِ يَنزَحُ
تَهَدٌَجَ صَوتَها ... من شِدٌَة خَوفِها
تَبَرٌَدَ الكَفٌَانِ ... والجَبينُ لِلعَنبَرِ يَنضَحُ
حَمَلتَها ... فأستَأنَسَت ... في لَحظِها تَسرَحُ
فَقُلتُ في خاطِري ... مَرحى لَها تِلكَ الذِئاب ...
لَمٌَا دَنَت لِصَوبِنا ... وهي تَنبَحُ
لَو لا النُباح ... ما كُنتُ في الغابَةِ لِلغادَةِ أحضُنُ ... أو في العِناقِ أنجَحُ
أحمل مَحبوبَتي ... فَتَسألُ ... كيف أنت يا فتى ؟ ... وأنا لِلغادَةِ أشرَحُ
ما نَفعها الكلمات ؟ والضباب ... لِسِرٌِنا يَحفَظُ لا يفضح
تساءَلَت مَحبوبَتي ... هل تَجهَدُ حين تَحمِلُني ؟
أجَبتَها ... في نَظرَةٍ ... عَنِ الكلام .. توضِحُ
عمٌَ السكونُ حَولَنا ... يا ليته هذا الضَبابُ لا يَبرَحُ
بقلمي
المحامي عبد الكريم الصوفي
اللاذقية ..... سورية






